الخميس، 18 نوفمبر 2010

السياسات الاقتصادية الكلية


25 أكتوبر 2010

 الدكتور عاشور فني
يفرق الاقتصاديون بين السياسات الاقتصادية الظرفية التي تعمل على توجيه النشاط الاقتصادي وفقا للظرف الاقتصادي في الأجل القصير (حالات الركود أو التضخم أو البطالة) وبين السياسات الاقتصادية البنيوية التي تعمل على تغيير  طريقة سير الاقتصاد كله بالتأثير على البنية الاقتصادية في الأجل المتوسط أو البعيد.

 بناء على تشخيص الوضعية الجارية من خلال المؤشرات الاقتصادية الكلية الأساسية (معدل نمو الناتج الداخلي الخام، معدل البطالة، كعدل التضخم) تعمل السلطات العمومية على تحديد الأولويات الاقتصادية للحكومة. وبناء على هذه الأولويات يتم إعداد السياسة الاقتصادية الكلية التي ترمي إلى تحقيق أحد الأهداف الرئيسية الغالبة: تحقيق النمو الاقتصادي، مكافحة التضخم، مكافحة البطالة،إلخ....

الأسس النظرية لتدخل الدولة في النشاط

أدوات السياسة الاقتصادية الكلية

انطلاقا من التحليل الكلي للوضعية الاقتصادية يمكن إعداد سياسات اقتصادية كلية تستجيب للوضعيات الاقتصادية الظرفية. ففي حالة الكساد تتدخل السلطات العمومية من أجل دعم الطلب الكلي قصد بعث النشاط الاقتصادي وتحقيق التشغيل. وفي حالة النمو الاقتصادي تتدخل السلطات العمومية من اجل تحسين وضعية المالية العامة بتحسين موارد الميزانية مما سيسمح لها بالتدخل لإنعاش النشاط الاقتصادي في حالة حدوث ركود اقتصادي. أما في حالة ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم فتتدخل السلطات من أجل ضبط الأسواق وتحقيق استقرار المستوى العام للأسعار.

ومن أهم أنواع السياسات الاقتصادية الكلية حسب أهداف السياسة الاقتصادية:
السياسة التوسعية
السياسة الانكماشية

ومن أهم السياسات الاقتصادية الكلية حسب أدوات السياسة الاقتصادية:
السياسة المالية
السياسة النقدية

ومن بين السياسات الكلية حسب موضوعها يمكن التمييز بين:
سياسة الطلب (يمكن أن تسمى سياسة المداخيل أيضا إذ يتم تنشيط النمو الطلب أو تثبيطه بواسطة التأثير في سياسة المداخيل).
سياسة العرض.

سياسة الطلب
سياسة تنشيط الطلب الفعلي هي إحدى السياسات الاقتصادية الكلية المعروفة، ترمي إلى مواجهة حالات نقص الطلب أي أنها سياسة تناسب حالة الركود الاقتصادي وهدفها هو الخروج من الركود عن طريق زيادة الطلب على السلع والخدمات مما يشجع المؤسسات على المزيد من النشاط وتوظيف العمال.

بالعودة إلى التدفقات الاقتصادية الكلية يمكن التعبير عن هذه التدفقات بمعادلات بسيطة:

1)- مجموع الدخل الوطني يعادل مجموع الإنتاج الوطني: ل=ج
2)- مجموع الدخل الوطني يستهلك أو يدخر:ل=س+خ
3)- مجموع الإنتاج يتألف من السلع الاستهلاكية والسلع الاستثمارية: ج=س+ث
من أجل تصريف كل الإنتاج ينبغي أن يتحقق شرط مجموع المدخرات تستثمر
أي أنه من اجل أن تتحقق المساواة الدخل والإنتاج: ل=ج
يجب أن تتحقق مساواة الادخار والاستثمار خ=ث

وبعبارة أخرى فإنه من اجل أن تصرف كل المنتجات ولا يحدث كساد في الأسواق ينبغي أن  تنفق كل المداخيل التي وزعت أثناء دورة الإنتاج الجارية، وإذا ادخرت بعض هذه المداخيل فينبغي أن تتوجه إلى الاستثمار.

نستنتج مما سبق:
أن الدخل إما أن يذهب إلى الاستهلاك أو إلى الاستثمار. فإذا كانت هنالك أزمة كساد فإن ذلك يعبر عن عدم كفاية الدخل (ل) لتصريف كل الإنتاج (ج).

يعود هذا إلى نقص في طلب المستهلكين على السلع الاستهلاكية أو نقص في طلب المستثمرين على السلع الاستثمارية.

وبالنسبة للطلب الاستهلاكي فإنه يتألف من نوعين من الطلب: طلب العائلات والطلب الحكومي. تقوم سياسة الطلب على تنشيط أحد هذين الشقين من الطلب أو كليهما:تنشيط الطلب العائلي وتنشيط الطلب الحكومي.

وفي كل الأحوال فإن سياسة الطلب تعتمد سياستين كبيرتين:

1)- السياسة المالية بما تتوفر لها من أدوات السياسة الميزانية والسياسة الجبائية  يمكن استعمالها للتأثير في حجم النشاط الاقتصادي(لزيادة التشغيل أو النمو مثلا) أو في حجم الاستهلاك(رفع الطلبالاستهلاكي الخاص والعمومي).

2)- السياسة النقدية بما يتوفر لها من أدوات في يد السلطات النقدية أن تستعملها للتأثير في حجم الكتلة النقدية.

أولا تنشيط الطلب الخاص:
يتمثل الطلب الخاص في طلب العائلات على السلع والخدمات. في حالات نقص الطلب يمكن للسلطات العمومية أن تتدخل لتنشيط الطلب العائلي بواسطة عدة أدوات منها على الخصوص:
1)- الدعم المباشر لاستهلاك القطاع العائلي: و يكون ذلك من خلال:
-توزيع المواد الاستهلاكية على الأسر؛
-توزيع وصولات على الأسر تمكنها من الحصول على ما تريده من مواد؛
-الدعم المالي للأسر غير القادرة على الوفاء باحتياجاتها الاستهلاكية.
2)- دعم أسعار السلع الاستهلاكية، من خلال:
        - تحمل جزء من تكاليف الإنتاج؛
        - تخفيض الضرائب والرسوم قصد زيادة الاستهلاك؛
        - تحديد سقف لتسعير السلع أو لهوامش الربح؛
        - تحديد أسعار السلع بعض المواد الاستهلاكية الأساسية.
3)- دعم القدرة الشرائية للمستهلكين، من خلال:
        - رفع المداخيل الموجهة للاستهلاك، خاصة الأجور والمرتبات والمنح؛
        - رفع المداخيل الموزعة في القطاع الحكومي:الإدارات والمرافق العمومية؛
- تعزيز القدرة الشرائية للمستهلكين؛
        - كبح الضغوط التضخمية المفضية إلى انهيار القدرة الشرائية؛

ثانيا تنشيط الطلب الحكومي:
تعتبر الحكومة أول مستهلك في المجتمع بما تشتريه من بضائع ومن خدمات ضرورية لسير المؤسسات الحكومية نفسها، ونظرا لحجم الاستهلاك العمومي فإن الحكومة تعتبر أكبر مستهلك في اقتصاد أي بلد.

ومن أجل مواجهة مشكلة الكساد أو الركود الاقتصادي، يمكن أن تتدخل السلطات العمومية أيضا لزيادة الطلب الحكومي على السلع والخدمات الموجهة لاستهلاك الإدارات العمومية والهيئات الحكومية المركزية والمحلية. تتوفر للسلطات عدة أدوات اقتصادية ومالية لزيادة الطلب الحكومي ومنها على الخصوص:
- زيادة الطلب على السلع والخدمات الموجهة للإدارات والمرافق العمومية؛
- تنشيط المشاريع الحكومية الجارية لرفع الطلب على السلع الضرورية لها؛
        - إطلاق مشاريع عمومية جديدة لتوفير الشغل وتوزيع مداخيل جديدة؛
        - بعث المشاريع الكبرى المتعلقة بالمرافق العمومية(الطرق الكبرى والسكك الحديدية والموانئ والمطارات والمنشآت الأساسية للاقتصاد) إذ يترتب عليها توزيع مداخيل إضافية وتخفيض تكاليف الإنتاج في القطاعات الاقتصادية ولا يترتب عنها تصريف سلع في السوق تزاحم السلع الكاسدة.

من بين الملاحظات المسجلة على سياسة الطلب أنها أحيانا لا تكون بالفعالية اللازمة بفعل انفتاح الاقتصاد الوطني على الخارج، مما يسمح بأن تنتقل جزء من آثار هذه السياسة إلى الاقتصاديات الأجنبية ذات العلاقة المباشرة مع الاقتصاد الوطني: فرفع الأجور في بلد منفتح اقتصاديا (يعتمد على الواردات الاستهلاكية) يؤدي إلى تنشيط الإنتاج وزيادة التشغيل في البلد المصدر. كما أن تخفيض الاستهلاك في بلد منف ح اقتصاديا يؤدي إلى تثبيط الإنتاج وزيادة البطالة في البلد المصدر.

سياسة العرض

تقوم سياسة العرض على تفضيل العمل في جانب العرض أي العمل على نشجيع المؤسسات على زيادة النشاط بوسائل تحفيزية متعددة منها:
1)-تقديم إعانات وتسهيلات للمؤسسات المنتجة من أجل زيادة نشاطها في قطاعات ذات أولوية بالنسبة للسياسة الاقتصادية.
2)-خفض الضرائب على المؤسسان المنتجة في قطاعات معينة من أجل توجيه النشاط الاقتصادي

تمكن سياسة العرض المؤسسات من الإنتاج بتكلفة أقل مما يسمح برفع قدرتها التنافسية على المستوى الدولي  ويسمح بخفض الأسعار على المستوى الوطني مما يعني ارتفاع القدرة الشرائية وزيادة الطلب  فيتطلب ذلك زيادة الاستثمارات ورفع قدرات المؤسسات الإنتاجية مما يؤدي بدوره إلى إنعاش الاقتصاد وزيادة التشغيل وضخ مداخيل جديدة في الاقتصاد.على أن انفتاح الاقتصاد الوطني على الخارج وتحويل الأرباح إلى المالكين في الخارج قد يقلل من أثر سياسة العرض.

الدكتور عاشور فني
للاتصال بالأستاذ

3 التعليقات:

إرسال تعليق